شهد منتدى الإعلام العربي، المنعقد حاليًا في دبي، مشاركة مميزة لرئيس مجلس الوزراء اليمني الدكتور أحمد عوض بن مبارك؛ إذ تحدث في جلسة حوارية رئيسية حول مستقبل اليمن.
وأُقيمت الجلسة بحضور كوكبة من الشخصيات البارزة، ضمت النائب الثاني لحاكم دبي رئيس مجلس دبي للإعلام؛ سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، وأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ جاسم البديوي، إلى جانب عدد من السياسيين، والوزراء، وقيادات المؤسسات الإعلامية، ورؤساء تحرير الصحف والمنصات الرقمية، ونخبة من كبار الكُتّاب والمفكرين، وقادة الرأي وصناع الإعلام والمعنيين به في المنطقة والعالم.
وقد أدارت الحوار الإعلامية زينة يازجي؛ إذ تناول دولة رئيس الوزراء مختلف جوانب الأزمة اليمنية وأبعادها، بدءًا من تصحيح السرديات الخاطئة حول القضية، وصولًا إلى شرح مفاتيح التعاطي الصحيح مع المشهد اليمني المعقّد، وتسليط الضوء على التحديات التي تواجهها البلاد، وعلى رأسها الخطر الوجودي الذي يشكله الحوثي على أمن اليمن والمنطقة والعالم.
جدّد رئيس الوزراء في كلمته بالمنتدى، حرص اليمن على التمسك بعروبته والعودة إلى دوره الإستراتيجي والحيوي؛ كونه موطن العروبة الأول. مبينًا التحديات العاجلة التي تهم المواطن اليمني وتقع على قائمة أولوياته كرئيس للحكومة، مؤكدًا على أهمية معالجة الجذر الأساسي للمشاكل التي تواجهها البلاد، الذي يتمثل في انقلاب الحوثي على السلطة الشرعية وإشعاله للحرب.
وأوضح الدكتور بن مبارك أنّ إعادة الأمن والاستقرار إلى اليمن دون معالجة الجذر الأساسي للمشكلة، ستجعل الأزمات تتكرر بشكل دائم، ولن تتحقق التنمية والاستقرار.
كما تطرق إلى الآثار الكارثية المباشرة للهجمات الحوثية على منشآت النفط الخام، التي حرمت الحكومة من أكثر من %70 من مواردها، وأدّى إلى ضعف تقديم الخدمات للمواطنين، ومفاقمة المعاناة الإنسانية.
ولفت إلى أنّ دول العالم وصناع القرار بالمجتمع الدولي وعقب القرصنة والهجمات الحوثية ضد السفن التجارية والملاحة الدولية في البحر الأحمر، عادوا إلى ما كانت الحكومة اليمنية تتحدث عنه؛ من أن عدم إنهاء الانقلاب في اليمن، وارتباط الحوثي بأجندة خارجية سيُحدِث كوارث في المنطقة والعالم.. موضحًا أنّ الأولوية الرئيسية للحكومة إيجاد مقاربة حقيقية لمعالجة المشكلة في اليمن، وضرورة تمكين حكومة قوية قادرة أن تقدم خدمات حقيقية لشعبها، والدفاع عن مصالحه.
كما استعرض الدكتور بن مبارك، آفاق السلام والمستقبل في اليمن، وهروب الحوثي من استحقاقات السلام، والبعد الأيدلوجي والعقائدي لمشروعهم، ومحطات السلام التي أفشلتها من مفاوضات الكويت، وإستكهولم، وآخرها خارطة الطريق التي بذل فيها الأشقاء بالمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان جهودًا كبيرة، وتم تبنيها من الأمم المتحدة.. موضحًا أنّ خارطة السلام في اليمن واضحة، وخارطة الطريق قدمت مقترحًا عمليًّا وإجراءات لبناء الثقة، تقود إلى وقف شامل لإطلاق النار والدخول في عملية سياسية.
وجدّد التأكيد أن السلام يعد الخيار الإستراتيجي الوحيد للحكومة الشرعية واليمن، والمنطقة بحاجة إلى الأمن والاستقرار، وإنهاء معاناة الشعب اليمني، ووقف الحرب، وما يتطلبه ذلك من ضغط وجهد دولي لدفع الحوثي للسلام.
وفند رئيس الوزراء مزاعم الحوثي بنُصرة غزة، والسرديات الخاطئة بربط ما يجري من تصعيد في البحر الأحمر. مؤكدًا أنّ قرصنة الحوثيين في البحر الأحمر وتهديد الملاحة الدولية بدأت قبل عامين من العدوان الإسرائيلي على غزة، وهناك تقارير من الأمم المتحدة حول ذلك، وما يحدث الآن يعدُّ هروبًا من استحقاقات السلام.
وقال: “من يفجّر البيوت على رؤوس ساكنيها، والمساجد والمدارس، ومن يحاصر مدنًا كاملة كما يحصل في تعز منذ أكثر من عشر سنوات، من يقنص الأطفال وهم ذاهبون للمدارس، والنساء وهن ذاهبات لآبار المياه، لا يمتلك أساسًا أخلاقيًا للادعاء بأنه ينتصر لقضية عادلة مثل قضية أهلنا في فلسطين”.
وأوضح أنّ كثيرًا من المفاهيم الخاطئة لدى المجتمع الغربي عن الأزمة اليمنية التي قادت إلى سياسات خاطئة – بدأت تتغير؛ إذ كان يجري الحديث أنّ جماعة الحوثي لا تشكل تهديدًا إقليميًّا ودوليًّا، ولا يمكن أن تستهدف المصالح الدولية، والآن تقوم بهذا الأمر، وأيضًا كان يقال في كثير من الأحيان بأنه ليس هناك ربط حقيقي بين هذه الجماعة وإيران، وأن ليس لها تأثير حقيقي، غير أن الأحداث الأخيرة أثبتت أنها جزء من هذه الأجندة.
وتطرق الدكتور بن مبارك، إلى الدور المهم للإعلام في التوعية واستيعاب المشاكل خاصة في البلدان التي تعاني من الحروب، وأن الاعلام ممكن أن يكون عنصر قوة مهم، وممكن يكون أداة ضعف تقود إلى مزيد من التوظيف الخاطئ لعدد من القضايا.
واختتم دولة رئيس الوزراء حديثه بتوجيه كلمة أمل باستحضار اليمن الكبير، الذي تتوالد فيه الحضارات، وشعبها العظيم وموقعه الإستراتيجي، وثرواته غير المستغلة، وقال: “دائمًا وأنا أنظر لوضعنا، أنظر لهذه المكانة فأشعر بأنّنا أقوياء رغم الصعاب التي نعيشها، كل ما نقدّمه لشعبنا لا يذكر قياسًا بحجم تضحياته، ومهما قدّمنا فهو لا يذكر، كما أنّ لدينا حزام ظهر قوي وهم أشقاؤنا في المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، ونحن نشعر بأنّ لدينا قضية عادلة، وحريصون على السلام، لكنّنا حريصون على التمسك بعروبة اليمن، وعودته إلى موقعه الإستراتيجي المهم وموقعه الحيوي، ولدينا تصميم وإرادة”.