أكد فخامة الرئيس الدكتور رشاد محمد العليمي، رئيس مجلس القيادة الرئاسي، أن ذكرى الوحدة اليمنية في الثاني والعشرين من مايو 1990، ستظل مناسبة جليلة محاطة بالتقدير، ولحظةً تاريخية جديرة بالتأمل، والتعلم، والمبادرة الواعية لحماية التوافق الوطني، وإرادة الشعب اليمني، وضمان المشاركة الواسعة في صنع القرار دون إقصاء أو تهميش.

وجدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في خطاب للشعب اليمني، بمناسبة العيد الوطني الـ34 للجمهورية اليمنية، التزام المجلس والحكومة الكامل بتعهداتهما المعلنة، وفي المقدمة اعتبار القضية الجنوبية أساسًا للحل الشامل، والانفتاح على كل الخيارات لتمكين “أبناء شعبنا من تحقيق تطلعاتهم، وتقرير مركزهم السياسي، ونمائهم الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، بموجب المرجعيات الوطنية، والإقليمية والدولية”.

وأعرب فخامته عن الاعتزاز الكبير بأن تأتي هذه المناسبة وقد أصبح فيه “تحالفنا الجمهوري أقوى وأكثر التفافًا حول أهدافه الوطنية الكبرى، التي ينتصر فيها شعبنا لتضحيات الأبطال من قواتنا المسلحة والأمن، وجميع التشكيلات العسكرية، والمقاومة الشعبية، ولمدننا الصامدة وهي تخوض جولة أخرى من المعركة المصيرية ضد مشروع الإمامة العنصري، المستبد، العميل للنظام الإيراني”.

وقال: “يكفي أننا نجتمع اليوم في العاصمة المؤقتة عدن، كقيادة توافقية موحدة؛ لمواجهة المخاطر المتجددة، كما فعل أسلافنا الأوائل على مدى نحو سبعة عقود من الدفاع عن النظام الجمهوري الذي لم يسبق أن مر بوقت أكثر صعوبة مما يعيشه الآن؛ إذ تطارد جماعة إرهابية، بشكل هستيري، أهلنا في كل مكان، موديةً بحياة مئات الآلاف من الأرواح، وتشريد الملايين على نحو يفوق كل الحروب العنصرية على مر تاريخها المظلم”.

وأعاد فخامة الرئيس التذكير بأن الوحدة اليمنية مُذ تبلورت كفكرة، ودعوة وطنية، وحتى ولادتها كواقع ملموس، “مثلت في جوهرها مشروعًا حضاريًا متكاملاً، ارتكز على جملة من المبادئ السامية، أهمها: تعزيز الوحدة الوطنية، والشراكة الواسعة في السلطة، والثروة، وتحقيق العدالة والمساواة، وسيادة القانون”.

وفيما نوه رئيس مجلس القيادة الرئاسي بتمسك اليمنيين الأحرار في شمال الوطن وجنوبه بمضامين هذا المشروع النهضوي، أكد في الوقت ذاته رفض أبناء الشعب اليمني، وبشدِّة، إفراغ هذا الإنجاز من مضمونه الوطني والسياسي والأخلاقي، وأن يغدو مجرد شعار مظلل يخفي وراءه نزعة التسلط، والتفرد بالسلطة والثروة، وهي النزعة التي تجسدها اليوم المليشيات الحوثية.

وأشاد فخامة الرئيس بمناقب الرعيل الأول الذي أسهم في ولادة الجمهورية اليمنية، كما عبَّر عن كثير من التقدير لأولئك الذين تصدروا تصويب مسار هذا المشروع الوطني بعد حرب صيف عام 1994، بدءًا بانطلاق الحراك الجنوبي السلمي، ومرورًا بالمطالب الشعبية بالتغيير، ووصولًا إلى قوافل الشهداء والجرحى من أبناء القوات المسلحة والأمن وكل التشكيلات العسكرية، والمقاومة الشعبية المناهضة للمشروع الحوثي الإمامي.

وأكد أن من يمعن النظر في حركة التاريخ يدرك بوضوح أن الوحدة اليمنية وحيثيات القضية الجنوبية وجهان لفكرة واحدة وحلم واحد؛ وجهان لليمن الجمهوري التعددي، والنظام القائم على العدالة والمساواة وسيادة القانون، معتبرًا أن هذا هو الوطن الجديد الذي يسعى -هو وإخوته أعضاء مجلس القيادة الرئاسي- إلى تجسيده واقعًا بقدر المستطاع، من خلال العمل الدؤوب لتصويب الأخطاء، وإعادة بناء المؤسسات، والتمسك الصادق بقيم الشراكة في السلطة والثروة، والتوافق الوطني، ومن خلال تمكين السلطات المحلية، وتعزيز استقلاليتها ودعم آليات الحكم الرشيد، وترسيخ لا-مركزية السلطة، على أنقاض فكرة المراكز المقدسة للحكم.

وعرض فخامة الرئيس في خطابه الجهودَ المبذولة من قبل مجلس القيادة الرئاسي والحكومة من أجل الاستجابة لاحتياجات المواطنين وتحسين الأوضاع، وفي مقدمة ذلك إنهاء أزمة الطاقة المزمنة، ومواجهة التحديات القائمة، والمُضي قدمًا في معركة استعادة مؤسسات الدولة وإسقاط الانقلاب.

وأشار في هذا السياق إلى أن انفراجة قريبة في الخدمة الكهربائية ستأتي من استدامة إمدادات الوقود، واستكمال دخول 120 ميجا وات إلى التوليد، الشهر المقبل في محافظة عدن، من محطة الطاقة المتجددة، إضافة إلى دخول 25 ميجا وات حيز التوليد في وقت سابق بمديرية المخا في محافظة تعز.

وأوضح أنه يجري العمل على إنشاء محطةً للطاقة المتجددة بقدرة 56 ميجا وات في محافظة شبوة كمرحلة أولى، و50 ميجا وات في الخوخة وحيس، بينما يجري الاستعداد لبناء محطات كهربائية في حضرموت بقدرة 25 ميجاوات، وأخرى في تعز بقدرة 30 ميجا، وثالثة بالرياح في راس العارة بقدرة 100 ميجا وات، كما تعمل الحكومة على زيادة قدرة التوليد من محطة الرئيس بعدن إلى أكثر من 200 ميجا وات بعد أن تم تجديد شبكة التوزيع المتهالكة بالكامل خلال العامين الماضيين، في حين يدعم الأشقاء الكويتيون مشروع إعادة صيانة محطة مأرب الغازية وتأهيلية بمبلغ 40 مليون دولار، إضافة إلى مساهمات مقدرة من جانب السلطة المحلية في المحافظة.

وعلى صعيد ملف السلام، جدَّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي موقف المجلس الثابت تجاه جهود السلام، والمرتكز على المبادئ الأربعة التي تم التأكيد عليها مرارًا، وفي مقدمتها التمسك بالمرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، وعلى وجه الخصوص القرار 2216، وعدم المساس بالمركز القانوني والسياسي للدولة العضو في الأمم المتحدة، وشمولية أي عملية سلام وحمايتها بضمانات إقليمية ودولية، بما في ذلك حضور القضية الجنوبية في أي مشاورات مقبلة، إضافة إلى استمرار سياسة الانفتاح على جميع جهود الوساطة المرتبطة بتخفيف معاناة المواطنين وتأمين مصالحهم وسبل عيشهم الكريم.